مختصر رواية أبناء وعشاق للكاتب D. H. Lawrence

مختصر رواية أبناء وعشاق للكاتب D. H. Lawrence
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

من ابرز اعماله رواية ابناء وعشاق التي هي عبارة عن قصة حب فاشلة مع ابن تاجر ثري، تزوج (جرتر كوبارد) ابنة الطبقة المتوسطة الصغيرة من (والتر مورل) عامل المناجم، وسرعان ما اكتشفت مسزمورل ان زوجها رجل لا يركن اليه، خذلها وخيب كل آمالها فيه. فحاولت ان تصلب عوده وان تجعل منه الرجل الذي تصورته عندما قبلته زوجا لها. لكن تلك المحاولة فرقت بينهما اكثر، حتى انقلب بينهما الى ميدان قتال.


في ذلك الجو من الصراع والفقر والخوف وخيبة الامل، ورزقت الاسرة بأبنائها: وليام، ومن بعده اخته آني، ثم الصغير بول الذي لم تكن امه تريده، إذ جاءها في ظروف ضاقت فيها بالحياة مع زوجها حتى لم تعد تطيق العيش معه. واخيراً الغلام الجميل آرثر الذي دلله أبوه واصطفاه من بين اخوته.


لا يكاد الابن الاكبر وليام يشب عن الطوف حتى تكون الأم قد حسمت الأمر ـ في دخيلة نفسها ـ بينها وبين زوجها الذي بات سكيراً لا يرجى منه، وأفقده صراعه غير المتكافيء معها كل ما كان قد بقي له من تماسك شخصيته، فاعتبرت علاقتهما كرجل وامرأة علاقة منتهية وانصرفت عنه الى اولادها.


كل ما خلفته في قبلها قصة حبها الأولى من فراغ عمقته الزيجة الفاشلة، ملأته مسز مورل بحبها لأبنها الأكبر وليام. أغدقت عليه كل ما في قلبها من حب محبط لا يجد له موضوعا، وعلقت عليه كل آمالها التي لم تقض عليها ضيعة الوهم في الحب ومرارة الفشل في الحياة الزوجية. اتخذت منه ابنا وحبيبا، وشدته اليها بأغلال حبها حتى استوعبت كل حياته.


فلما بدأ الفتى يعرف الحب طاردت الحب من حياته بكل قواها، حتى يكون لها وحدها في أثناء ذلك يكبر الابن الثاني بول، ويتم دراسته، فتجد له أمه عملاً في أحد المصانع بنوتينجهام، وتبدأ بينه وبين الفتاة ميريام صداقة سرعان ما تنقلب الى قصة حب، بينما الأم لاهية عنهما في غمرة انشغالها بابنها الاكبر.


يترك ويليم بيت أهله ذاهبا الى لندن، حيث عمل في مكتب أحد المحامين وهناك يقع في حب فتاة حسناء تعمل سكرتيرة في احدى الشركات: يأسره حسنها وشبابها، ويحنقه اسرافها وطيشها، فيجد نفسه متأرجحا بين رغبته في الزواج منها، ورغبة اقوى تلح عليه في الخلاص منها، وهو في حقيقة أمره يعاني من حبه لأمه الذي يفجر في وجه ذلك الحب الدخيل صراعا مهلكاً ينتهي بموته.


اما بول مورل فيقع في ورطة وجدانية بين امه وحبيبته ميريام. يترعرع حب بينه وبين الفتاة، وقد تقبله أهلها كواحد منهم، فأكثر من التردد على مزرعتهم، وعقد اواصر ود وصداقة مع اخوتها، فشاركهم لعبهم وعمله، وأحبته الأم، فأطمأنت الى ابنتها بين يديه وهو يصحبها ليضربان في المروج والاحراج معاً، ويختلي بها في اركان المزرعة ليعطيها دروساً في الجبر والفرنسية، ويستقبلها في بيته.


هكذا تتأزم الامور رويداً رويداً بين الفتى وحبيبة صباه، وكل من المرأتين تقوم بدورها في تقويض ذلك الحب وتسميم الهواء الذي يتنفسه: مسز مورل بعدوانيتها الصريحة تجاه الفتاة التي اعتبرتها منافسة لها في حب ابنها.


ومسز ليفرز بطيبتها، وسلبيتها تجاه الحياة، وتأثيرها المستكن على ابنتها ميريام. وما تبثه في نفس تلك الفتاة من نفور من الجسد.


ينقلب الحب صراعا، وبلاء، وكل من العاشقين الصغيرين ـ يحمل الاخر وزر ماهو معانيه من آثار تمزقاته ومن سلطان خارجي يخيم على ذلك الحب كسحابة سوداء ويتأرجح بول بين نفور موشك على الكراهية يثور في صدره تجاه ميريام، وبين حنق ونفور من أمه لا يجرؤ ان يصارح نفسه بأسبابها، لكن ميريام تشده اليها بكل قوة شبابها وبكل سلطان الانثي، فلا يكاد يقترب منها حتى تصده روحانيتها التي تقف كجدار صلد بينها، ويحس بقوة الجذب التي تباشرها امه من خلال حواره الأوديي.


لكن الربيع يحتاجهما، فيجرفهما على عبابه، عاماً بعد عام، ويقربهما من لقاء حميم محتوم يناضل كل منهما بكل قوى روحه للتملص منه. لذلك بات الربيع ميدان صراعهما الاعظم.


ويكبر الفتى آرثر ويجد انثاه هو ايضا، ولا يعترض احد طريقهما، ولا يفسد حياتهما، بينما بول يتخبط وحيدا، أعزل، في متاهة تلك العلاقة التي تجاوزت حدودها السوية، لا يجد مخرجاً.


وفي غمار ذلك كله نجد ان الاب والتر مورل شاخ، وانزوى، او قل تلاشى في ركن مهمل منسي من حياة اسرته، قانعا بذلك السلام الذي قيضه له إهمال زوجته وأبنائه له بعد طول شحان وصراع.


في منتصف طريقه، وظلمات المعركة المثلثة الاطراف الناشبة بينه وبين حيبته وبين امه تلتهم صباه وتبذر بذور الشقاء في شبابه، يلتقي بول عن طريق ميريام بسيدة منفصلة عن زوجها تكبره ببضع سنين، هي (كلارا دوز) امرأة عاملة من بيئة فقيرة كبيئته، لكنها ذات كبر وخيلاء ـ أو هكذا تتراءى له في اول الامر ـ لها نشاط في الحركة النسائية وفي صفوف المطالبات بحقوق المرأة.


تشده تلك السيدة بأنوثتها التي لا غش فيها ـ كالغش الروحاني الذي تفاجئه به ميريام ـ وبتعاليها وبرودها تجاهه، فيخطب ودها ويتقرب منها، متنازلا في سبيل ذلك عن قدر كبير من احترامه لنفسه، الى ان يزورها في بيتها أخيراً ويتعرف على أمها، ثم يجد لها عملاً في المصنع الذي يعمل به ويعمل به زوجها (باكستر دوز)، ثم لا يلبث ان يفشل مع كلارا ايضا.


وسرعان ما تتكشف احداث الرواية عن ورم في جنب الام (مسز مورل) الامر الذي يربك الاسرة ويحزنها.. وتتدهور الحالة الصحية للسيدة مورل، الى ان يقوم بول ذات ليلة بإعطائها جرعة كبيرة من الدواء المسكن، مما يؤدي الى وفاتها، متذرعاً بوضع حد لالامها الشديدة.


بعد وفاة مسز مورل تذهب كلارا مع زوجها الى شيفيلد، ولايراها بول الا فيما ندر، بينما نجد أن السير والتر مورل قد احنى رأسه للعاصفة اما بول فقد احس بالضياع والخواء الروحي.


في لقاء جديد بين بول وميريام عرضت عليه الزواج، فلم يستجب لها، وانصرف عنها الى وهج المدينة الذهبي حاملاً قلبه ذكرى أمه التي لا تفارقه.


الرواية تقوم على تحليل العقد النفسية التي قد تنشأ في الاسر غير العادية، فالاسرة التي لا يأخذ فيها الاب دوره الرئيسي اسرة مفككة هشة.. وهي عرضة للدمار، تدمرها العقد النفسية التي تظهر نتيجة العلاقات الاسرية المريضة، فالابن (بول) يعجز عجزاً تاماً عن اعطاء حبه لـ (ميريام) الفتاة التي احبته واحبها، وعندما يشعر ان حبها له يشبه حب امه، وانها تريد امتلاكه يفر منها خوفا من وقوعه بين يدي امرأة تشبه امه في السلوك والسيطرة من دون شعور منه.


وهو لا يعرف لماذا لم يستجب لها، ولماذا لم يتزوجها؟ ثم ان عقدته هذه تزداد سوءا كلما تقدمت امه في السن حتى يقدم في النهاية على قتل امه باضافة جرعة زائدة من الدواء فتموت. ولعل فيما اقدم عليه تخليصاً لنفسه من اهتمام امه البالغ به ومن سيطرتها عليه وعلى أدق خصائص حياته الشخصية.

يسلمو على الطرح المفيد
مشكور استاز علي

مشكوووور ابو حسين وانشالله ربي يوفقك و يوفقنا جميعا

الله يوفقنا جمييييعاً يارب

شكراً قليب ما قصرت وبالتوفيق للجميع

الله يوفق الجميع

شكراً مرة اخرى علي وان شاء الله بتخرجك

جميعا ً يارب